الأحد

1446-12-12

|

2025-6-8

أبو طالب (2)

الحلقة الثامنة عشر من كتاب
مع المصطفى صلى الله عليه وسلم

بقلم: فضيلة الشيخ الدكتور سلمان بن فهد العودة (فرج الله عنه)

ربيع الأول 1443 هــ / أكتوبر 2021

حب وحزن:
في السنة العاشرة من البعثة النبوية حزن النبي صلى الله عليه وسلم لموت عمه أبي طالب، ولقد مات أبو طالب على غير الإسلام، وهذا مما ضاعف حزنه صلى الله عليه وسلم، حتى نزل قول الله تعالى:﴿إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ﴾ [القصص: 56].
لقد أحب النبي صلى الله عليه وسلم أبا طالب ورغب في هدايته، ولكن الله تعالى لم يأذن بذلك لحكمة يعلمها، وأنزل الله تعالى سلوانًا لنبيه صلى الله عليه وسلم هذه الآية الكريمة.
لقد حزن النبي صلى الله عليه وسلم لموت عمه مع أنه من الذين لم يقروا له بالدعوة ولا بالنبوة لأمور:
أولًا: كان يحوطه ويحميه، فلما مات تجرأت قريش منه على ما لم تكن تجرؤ عليه من قبل.
ثانيًا: لأنه مات على الكفر، مما يكشف عن إنسانية هذا الدين وعظمته، وأنه لا يتناقض مع ما جُبل عليه الإنسان من المعاني الإنسانية الكريمة، بل هو يؤيدها ويعمقها ويزكيها، ومن ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبرنا عن امرأة دخلت الجنة في كلب سقته، وأخبرنا عن أخرى دخلت النار في هرة حبستها، وقرَّر لنا صلى الله عليه وسلم بذلك قاعدة عظيمة: «في كل كبد رَطْبة أجرٌ».
إذًا: هذا المعنى الإنساني الذي يؤكده الإسلام يجب ألا يغيب عنا.
القيم العليا في الإسلام:
نحن بحاجة إلى دعوة إسلامية تبرز القيم العليا للإسلام، وتقول للإنسان في الشرق أو الغرب: إن دين الإسلام قام على أساس تكريم الإنسان: ﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا﴾ [الإسراء: 70].
إن خطاب القرآن الأصلي في مكة كان: ﴿يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ﴾، ثم أضيف إليه مع بقائه الخطاب المدني: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا﴾ [الأحزاب: 56]، فهما خطابان معًا: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ﴾ [الحجرات: 13]، هذا المعنى يجب ألا يغيب أبدًا.
وما موقف خُبيب بن عَدِي رضي الله عنه، وصبره على القتل، وأنه لم ينتقم من صبي كان للمشركين في حِجره والموسَى بيده، يستطيع أن يقتله- عنا ببعيد، وكذلك الموءودة التي يوبِّخ الله وائدها يوم القيامة على رؤوس الأشهاد، وهي صبية كانت دون البلوغ، وكانت في الجاهلية الأولى وأهلها مشركون، وهي في بيئة مشركة، ولو كبرت لكانت منهم، فهذا المعنى الإيماني عظيم، يجب ألا نغفله في غمرة العداء الذي نحمله للذين يحاربون دين الإسلام.
إن عام الحزن يؤكد المعنى الإنساني في هذا الدين وعظمته حتى وهو يواجه الحرب والعداء من الناس، وأنه يحزن حتى لأولئك الذين حرموا نعيم الهداية على موتهم على غير دين الإسلام.

رابط تحميل كتاب مع المصطفى صلى الله عليه وسلم
http://alsallabi.com/books/view/506

كما ويمكنكم تحميل جميع مؤلفات فضيلة الدكتور سلمان العودة من موقع الدكتور علي الصَّلابي الرسمي
http://alsallabi.com/books/7


مقالات ذات صلة

جميع الحقوق محفوظة © 2022