الأربعاء

1446-11-02

|

2025-4-30

لمحات انسانية في سيرة الشيخ الإبراهيمي

من كتاب كفاح الشعب الجزائري ضد الاحتلال الفرنسي(ج3):

الحلقة: 202

بقلم: د. علي محمد الصلابي

ربيع الأول 1443 ه/ نوفمبر 2021

من صفات شخصية الشيخ الإبراهيمي صفة الإنسانية الرفيعة، وكان رحمه الله أمة في رجل، وكان طاقة جبارة من العزيمة والنشاط والشجاعة والجرأة في الحق، وفي ذلك عُذِّب وسُجن ونُفي وشُرِّد فما لانت له قناة، ولا وهنت له عزيمة، بل ما زاده ذلك إلا قوَّة وصلابة، واسترسالاً في الجهاد الوطني والإصلاح الاجتماعي، وكان يحمل بين جوانحه روحاً شفافة تتمثل فيها العاطفة الإنسانية بأجلى معانيها، حيث كان يحب الخير، ويفعل الخير، ما استطاع إلى ذلك سبيلاً، وكان صاحب لهفة لا يرد طالب حاجة، فهو يخدم المجتمع ككل ويخدم الأفراد لأنه يعتبر الشيئين مكملين لبعضهما، حيث كان رأيه أن خدمة الأفراد تشكل في مجموعها خدمة للجماعة، لأن الفرد جزء من الجماعة، وكان رأيه هذا رداً على محترفي الزعامة، الذين يتكبرون عن ملاقاة الأفراد وقضاء حوائجهم، وحجتهم في ذلك أنهم يخدمون الشعوب والجماعات، ولا وقت لديهم للنظر في أمور الأفراد، ولكن وقتهم يتسع لخدمة نزعتهم الفردية وزعامتهم المصطنعة، فالزعيم الحقيقي هو الذي يفني ذاته في خدمة الفرد والجماعة، وهكذا كان الإمام البشير.

وكان رحمه الله وفياً لأصدقائه ومعارفه، ويسأل عنهم ويعودهم، ويتتبع أخبارهم على البعد، فإذا عرف أن لدى أحدهم مشكلة أو به خصاصة أو ضائقة ؛ سعى بكل ما أوتي من قوة لحل مشكلته وتفريج كربته، مستخدماً في ذلك ماله وجهده ونفوذه ودالته على الناس، يفعل كل ذلك بنفس راضية ودون كلل أو ملل، وكم من أسرٍ من معضلات كبيرة حلّها، وكم من حوائج قضاها للناس في الجزائر وفي مختلف البلاد التي زارها.

وإلى جانب مواقفه البطولية الصلبة المعروفة، التي كانت لا تلين له فيها قناة، أمام الحكام الجائرين وأصحاب السلطة المتعالين، ممن يرى أنهم انحازوا عن جادة الصواب، حيث كان لا يتزعزع ولا يتضعضع، ولا يبالي ولا يأبه بوزير أو أمير أو رئيس، كانت له نفس شفافة متواضعة أمام الضعفاء وفي المواقف الإنسانية، فقد كان مرة يزور عام 1961م إبان الثورة التحريرية مركز بنات الشهداء بمدينة طرابلس ليبيا، فوقف يلقي كلمة فيهن عن الجزائر وبطولاتها وأمجادها وشهدائها الميامين، ودورهن في جزائر الغد المستقلة، فلم يتمالك نفسه وأجهش رحمه الله بالبكاء، تأثراً من مشهد بنات الشهداء الأبرار، وأثناء خروجه من المركز صادفه أحد المناضلين الجزائريين وقد قطعت رجلاه، فحاول المناضل أن يقبل يدي الشيخ فلم يمكّنه بل سبق إلى تقبيله وعيناه تدمعان.

هذه لمحة من اللمحات الإنسانية لشخصية الشيخ الغنية المتعددة الجوانب.

هذه من أهم صفات الشيخ الإبراهيمي، والكثير من الأخلاق الحميدة والصفات الرفيعة سيراها القارئ بإذن الله متناثرة في مباحث هذا الكتاب.

يمكنكم تحميل كتب كفاح الشعب الجزائري ضد الاحتلال الفرنسي من موقع د.علي محمَّد الصَّلابي:

الجزء الأول: تاريخ الجزائر إلى ما قبل الحرب العالمية الأولى

alsallabi.com/uploads/file/doc/kitab.PDF

الجزء الثاني: كفاح الشعب الجزائري ضد الاحتلال الفرنسي وسيرة الزعيم عبد الحميد بن باديس

alsallabi.com/uploads/file/doc/BookC135.pdf

الجزء الثالث: كفاح الشعب الجزائري ضد الاحتلال الفرنسي من الحرب العالمية الثانية إلى الاستقلال وسيرة الإمام محمد البشير الإبراهيمي

alsallabi.com/uploads/file/doc/BookC136(1).pdf

كما يمكنكم الإطلاع على كتب ومقالات الدكتور علي محمد الصلابي من خلال الموقع التالي:

http://alsallabi.com


مقالات ذات صلة

جميع الحقوق محفوظة © 2022