الثلاثاء

1446-07-07

|

2025-1-7

أوراق للمراحل الانتقالية في الدولة الحديثة المسلمة:

الحقوق والحريات العامة في الدولة الحديثة ذات المرجعية الإسلامية

بقلم: د. علي محمد الصلابي

 

إن تحديد وضمان الحقوق والحريات هو محور تأسيس وتشكل الدول الحديثة، وإن الدولة يمكن أن تطور دستورها بما يُلبي حاجات الشعوب ومطالبها، من ضمان للحقوق الإنسانية الأساسية، والحفاظ على الحريات العامة ومراعاة المواثيق والمعاهدات الدولية للحقوق والحريات، والالتزام بأحكام الشريعة الإسلامية والقيم والعادات والتقاليد الأصيلة، وأن دعمها وحمايتها ضرورة أساسية لممارسة ودعم وحماية الشورى.

ومن الحقوق والحريات العامة التي يجب أن ينص عليها دستور الدولة الحديثة:

- أن لكل مواطن الحق في ممارسة الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، والثقافية والدينية التي يريد ويعتنق، وأن يشعر بحريته الشخصية، وأن يحتفظ بملكيته الخاصة. وحياته الخاصة حرمٌ آمن، وحقه في اللجوء إلى القضاء حق طبيعي ومكفول، وله أن يصدع بشكواه بشتى الطرق في حدود القانون دونما قيد أو شرط ولا مصادرة إلا بموجب القانون.

- كل المواطنين سواسية أمام القانون، وفي الترشح للوظائف العامة وتولي المناصب الرسمية، وتكافؤ الفرص ضرورة، والعمل حق وواجب، وجنسية الدولة لا تمنح أو تسقط أو تسحب إلا وفقاً لأحكام القانون.

- التعليم حق لكل مواطن، وعلى الدولة أن تكفله مجاناً في جميع مراحله من خلال المؤسسات التعليمية الحكومية، ويجب عليها القضاء على الأمية، كما يجب أن ترعى وتدعم الدولة المؤسسات العلمية والبحثية، وتصون الحق في الملكية الفكرية والبحث العلمي.

- الحرية المسؤولة للصحافة والطباعة والنشر والإعلام بكافة وسائله، فلا رقابة عليها ولا تقييد لها، والحق في الحصول على المعلومات مكفول، وحرية الرأي والفكر والتعبير والتجمع والتظاهر والاجتماع والإضراب مصانة.

- الرعاية الصحية والضمان الاجتماعي لكل مواطن، وحرمة جسده مصانة فلا يجوز بحال تعذيبه أو امتهانه، أو احتقاره أو ازدرائه أو المساس به مادياً ومعنوياً.

- مؤسسات المجتمع المدني ركيزة مهمة من ركائز العمل السياسي والاجتماعي والاقتصادي، وعلى الدولة العمل على حرية إنشائها والانضمام إليها ودعم استقلاليتها، والأخذ بناصيتها باعتبارها اليد الطولى للمشاركة والفعالية السياسية، وذلك سواء كانت اتحادات أو نقابات أو جمعيات أو أندية أو روابط.

- يجب أن يكون لمصابي الحروب أو المتضررين منها، ولزوجات وأبناء الشهداء الأولوية في فرص العمل ولذوي الاحتياجات الخاصة نصيباً مفروضاً في كل تعيينات الدولة.

- الدولة الحديثة تؤمن بأن السياسة ليست غاية في ذاتها بل هي إطار وآلية من خلالها تتفاعل إرادة أفراد الشعب لتحقيق طموحاتهم في الحرية والتنمية والعدالة والشورى، وأن المواطن هو الفاعل الحقيقي والمستهدف من سياسة الدولة، وأن الدولة في سياستها تنطلق من المبادئ والأسس التالية:

• تؤكد على مبدأ سيادة القانون: إن السلطة للشعب وحده، وهو مصدر السلطات، وتؤمن بمبدأ الفصل بين السلطات الثلاثة التشريعية والتنفيذية والقضائية، وتوازنها وتعاونها، وتؤمن بأن الشورى الحقيقية لا تتأتى إلا بتفعيل هذا المبدأ وتدعو إلى ضرورة تحقيق ذلك من خلال الرقابة على دستورية القوانين، والتأكد من التزام السلطة التشريعية بما ورد في الدستور، والحد من تفويض السلطة التشريعية صلاحياتها للسلطة التنفيذية، وخاصة فيما يتعلق منها بالحقوق والحريات، وضرورة إخضاع أعمال السلطة التنفيذية للرقابتين البرلمانية والقضائية.

• الدولة الحديثة هي دولة لجميع مواطنيها وتحترم كل إنسان يعيش فوق أراضيها، وتؤمن بالتعددية السياسية والفكرية والحق في التدوال السلمي للسلطة، عبر انتخابات نزيهة حرة يشارك فيها المواطنون في الداخل والخارج على حد سواء، و تؤمن أن العملية السياسية الشورية أساسها في القانون وتعمل على تطوير كل التشريعات لتكون الشورى هي روح القوانين.

• تنادي بإطلاق حرية تشكيل الأحزاب السياسية، على أن يكون تأسيسها بمجرد الإخطار، وتحت رقابة القضاء الطبيعي وحده، وأن يكون الحزب مفتوحاً لعضوية جميع المواطنين بلا تمييز بسبب الجنس أو اللون أو الدين أو الجهة أو القبيلة، وأن يلتزم الحزب بقواعد العمل الشوري في إطار دستور مدني.

• تؤمن بأن المواطنين متساوون في الحقوق والواجبات، متكافئون في الفرص وفي حق تولي الوظائف العامة.

• تؤيد التوسع في مفهوم تولي المناصب العامة، بالانتخاب وبخاصة المناصب ذات العلاقة المباشرة بالشعب، مثل عمداء الكليات والبلديات ومدراء الأمن.

• تدعم تعزيز مفهوم اللامركزية الإدارية، وتركز على أهمية وجود جيل من متخذي القرار في المجالس المحلية على كافة الصعد الأمنية والتنموية والاستثمارية.

• تسعى لتحقيق حكم محلي شوري حقيقي يقوم على انتخاب المجالس المحلية وما في حكمها، وإعطاء المحليات صلاحيات فعلية في التقرير والتفيذ وتدبير موارد مالية محلية، وتكون بتلك المحليات مسؤولة أمام ناخبيها وليس أمام الحكومة ولأعضاء هذه المجالس حق سحب الثقة من رؤسائها.

• تؤمن بأن الاعتبارات التفويضية ينبغي أن تكون المعيار الحاكم في شغل الوظائف الحكومية وغير الحكومية على حد سواء. وتلك الاعتبارات يجب أن تبنى على أسس من الكفاءة والمهنية والتفاني والإيمان الصادق بالتعبير عن مصالح الوطن، وذلك بمعزل عن الاعتبارت الشخصية أو الأهواء الفردية. ومن ثم فلا وجه لتوزيع وظائف الدولة على أساس قبلي أو جهوي أو طائفي أو عشائري أو مذهبي، أو على خلفية من مخاصصة، أو إرضاء لحزب أو فكر أو تيار بعينه.

• ترى أن خير دور للجيش هو الحفاظ على سلامة الدولة والدفاع عن حدودها، ولا تقبل له بأي تدخل في الحياة السياسية أومفاصل العمل المدني بشتى أشكاله السياسية أو الاجتماعية أو الاقتصادية.

• تثمن مهمة الشرطة في الحفاظ على الأمن وحماية الحريات وحقوق الإنسان، وذلك من خلال بناء منظومة شرطية أساسها الكفاءة والتميز وفصلها عن المآرب السياسية والحزبية.

• إطلاق حرية العمل الطلابي، والنشاط الجامعي.

• توفير ضمانات الانتخابات الحرة النزيهة وذلك من خلال تشكيل لجنة قضائية دائمة تنفرد بإرادة مجمل العملية الانتخابية.

• محاربة الفساد بكافة أشكاله، وعلى كافة المستويات.

 

المرجع:

كتاب الدولة الحديثة المسلمة، د. علي الصلابي، ص340.


مقالات ذات صلة

جميع الحقوق محفوظة © 2022