الإثنين

1446-10-09

|

2025-4-7

إنه الصحابي أبو طلحة زيد بن سهل الخزرجي الأنصاري (رضي الله عنه)، وهو من الأنصار من بني عدي بن عمرو بن مالك بن النجار، وهو أحد النقباء الاثني عشر الذين شهدوا بيعة العقبة الثانية، وشهد مع النبي محمد ﷺ المشاهد كلها. كان أبو طلحة (رضي الله عنه) يعبد شجرة قبل أن يسلم، فأراد أن يتزوج أم سليم (رضي الله عنها)، وكانت مسلمة، فقالت له: ألست تعلم أن إلهك الذي تعبد نبت من الأرض؟ قال: بلى.. قالت: أفلا تستحي أن تعبد شجرة؟ إن أسلمت فإني لا أريد منك صداقًا (مهرًا) غيره قال: حتى أنظر في أمري. فذهب، ثم جاء فقال: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله. فقالت لولدها أنس: يا أنس زَوِّج أبا طلحة، فزوجه. (الإصابة لابن حجر، ج8 ص243) فألقى الله الإسلام في قلبه وأحس بعظمة هذا الدين، فأراد أبو طلحة أن يعلن إسلامه فقال لها فمن لي بذلك؟ قالت: النبي ﷺ. فانطلق (رضي الله عنه) يريده. فقال النبي ﷺ: (جاءكم أبو طلحة وفرة الإسلام بين عينيه). (أخرجه الطيالسي في مسنده، ج2 ص159 - 160) وحضر أبو طلحة (رضي الله عنه) مع الرسول ﷺ كل الغزوات، وكان ﷺ في غزوة أحد إذا رمى سهمًا يرفع أبو طلحة بصره ينظر إلى أين يقع السهم، وكان يدفع صدر الرسول ﷺ بيده لخوفه عليه، ويقول: يا رسول الله هكذا لا يصيبك سهم.. وكان يقول له: نفسي لنفسك الفداء، ووجهي لوجهك الوقاء. (أخرجه الإمام أحمد، ج3 ص206) وفي غزوة حنين، عن أنس (رضى الله عنه) أن رسول الله ﷺ قال يوم حنين: «من قتل قتيلاً فله سلبه». فقتل أبو طلحة يومئذ عشرين رجلاً، وأخذ أسلابهم». (أخرجه أبو داود، برقم: 2718) وكان أبو طلحة (رضي الله عنه) أكثر الأنصار مالاً، وكان أحب أمواله إليه (بيرحاء) وهى أرض بها نخيل، وكانت أمام المسجد، فكان النبي ﷺ يدخلها ويشرب من ماء فيها طيب، فلما نزل قوله تعالى: {لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون} [آل عمران: 92]، ذهب إلى النبي ﷺ وقال له: إن أحب أموالي إليَّ بيرحاء، وإنها صدقة لله أرجو برها وذخرها عند الله، فضعها يا رسول الله حيث شئت، فقال ﷺ: (بخٍ، ذلك مال رابح، ذلك مال رابح، وقد سمعت ما قلت فيها، وإني أرى أن تجعلها في الأقربين)، فقسمها أبو طلحة (رضي الله عنه) في أقاربه وبني عمه. [متفق عليه]. وكان أبو طلحة كثير الصيام، وكان حريصًا على الجهاد رغم كبر سنه؛ لقوله تعالى: {انفروا خفافًا وثقالا}، فكان يقول لأبنائه: لا أرى ربنا إلا يستنفرنا شبابا وشيوخًا، يا بني جهزوني، فإني خارج معكم إلى الغزو، فيقول أبناؤه: يرحمك الله يا أبانا، قد غزوت مع الرسول ﷺ حتى مات، وغزوت مع أبي بكر حتى مات، وغزوت مع عمر حتى مات، فدعنا نغزو عنك، ولكنه صمم على رأيه، ولبس ثياب الحرب. (أصحاب الرسول، محمود المصري، ج1 ص385)، وخرج معهم ومات أثناء غزوة في البحر، ولم يجد الصحابة جزيرة قريبة ليدفنوه فيها إلا بعد سبعة أيام، ولم تتغير رائحة جسده. ودفن أبو طلحة الأنصاري (رضي الله عنه) في المدينة المنورة سنة 34 هـ، وصلى عليه عثمان بن عفان (رضي الله عنه)، وهو ابن سبعين سنة. (صفة الصفوة، ابن الجوزي، ص174).


مقالات ذات صلة

جميع الحقوق محفوظة © 2022